--------------------------------------------------------------------------------
نوبة صحيان أثرية
كليوباترا تظهر في الساحل الشمالي!
كشف ممر تحت الأرض يؤدي إلي قبو تتركز فيه الآمال الآن
تحقيـق: ريـاض توفيــق
[img][/img]
اعمار الحفر تحت المعبد عند الكيلو 50 بالساحل الشمالى هل تظهر هنا الملكة كليوباترا والقائد انطونيو</FONT></TD></TR></TABLE>
مازالت أرض مصر تبوح بأسرار تذهل العالم وتوقظ فيه شيطان الفضول والترقب.. وتترصد وكالات الانباء وكل أجهزة الاعلام أي خبر يتسرب من أرض التاريخ يحمل مفاجأة جديدة أو يكشف عن سر جديد.. تماما مثلما تترصد أنباء خروج البترول والذهب من أعماق الارض!
ولأن الحياة قد دبت في أوصال هيئة الآثار المصرية بشكل مثير فإن العالم قد شغله خلال الايام القليلة الماضية أربعة أحداث أثرية مصرية.. أعلنت بدورها عن نوبة صحيان عالمية ترقب وتترصد وتتابع ما يحدث الآن فوق أرض مصر وفي أعماقها من كشف أسرار يعلن عنها لأول مرة.
من الاسكندرية وبالتحديد عند الكيلو50 بالساحل الشمالي ما إن تسللت بعض أخبار عن اقتراب التوصل الي مقبرة الملكة كليوباترا حتي هاجت الدنيا وتناقلت وكالات الانباء العالمية أخبارا عن ملكة مصر العظيمة التي مازالت حياتها غارقة في بحر الغموض.. ومازالت نهايتها المأساوية هي وحبيبها الشهيد أنطونيو أحد أسرار التاريخ التي لم يفصح عنها الزمن حتي الآن.
ولكن ماهي تفاصيل الحكاية.. وما حقيقتها؟
ولعل الغموض الذي يحيط بحياة ملكة مصر العظيمة كليوباترا سليلة البطالسه الذين حكموا مصر بعد عصر الاسكندر الاكبر.. ملكة أختلفت الأقوال عن جمالها ولكنها أتفقت علي تفاصيل شكلها ضئيلة الجسم تمتلك أنفا يونانيا وبشرة بيضاء لوحتها شمس الشرق وعينين واسعتين وصوتا ساحرا ذا جاذبية عنيفه! وكلما كتب التاريخ حكايات عشقها الدامي للقائد الروماني يوليوس قيصر الذي أنجب منها ابنها قيصرون وقيل أنه تزوجها.. وكيف تحول العشق إلي قائد روماني آخر هو أنطونيو بعد مقتل يوليوس قيصر.. ثم انتحار انطونيو بعد هزيمته.. وتعقبه انتحار الملكة كليوباترا حتي لا تقع أسيرة الجيوش الرومانية.
ولكن كيف ماتت الملكة.. وأين دفنت مع عشيقها أنطونيو الذي أنجبت منه توأما وأقامت له مقبرة فاخرة تليق بحبها له ــ كما تؤكد كتب التاريخ ــ.. ولكن أين كل هذه الآثار.. هل هي غارقة في مياه الاسكندرية ضمن آثار المدينة التي أغرقتها زلزال مدمر ويجري الآن إقامة متحف تحت الماء لزيارة آثارها ــ أم أن الملكة وعشيقها دفنا في مقبرة أخري علي شاطيء الاسكندرية؟
تفاصيل مثيرة
أمام مدينة اسمها تابوزيريس قرب بحيرة مريوط عند الكيلو50 بالساحل الشمالي التقيت بالدكتور زاهي حواس الأمين العام للمجلس الأعلي للآثار ــ لأعرف منه بالتحديد أسرار ما يحدث الآن في الموقع الذي يشتعل بالحركة والترقب والإثارة.
وتقول السيرة التاريخية ان كليوباترا كانت قد اختارت لمقبرة مارك أنطونيو مكانا مقدسا يحمل اسم تابوزيريس ماجنا أي مدينة أوزوريس قرب الإسكندرية, وكان هذا المكان له أهمية كبيرة بالنسبة لكليوباترا لأنها بوصفها ملكة مصر كانت تجسيدا بشريا للإلهة إيزيس زوجة الإله أوزوريس.
أنطونيو إله الخمر
وتقع المدينة قرب بحيرة مريوط, وكانت البحيرة محاطة بالأراضي الزراعية الخصبة ومزارع الأعناب التي تنتج النبيذ الذي كان يغمر أسواق العالم القديم. وتشير الأساطير المصرية القديمة إلي أن الإله أوزوريس هو أول من علم الإنسان الزراعة وبخاصة زراعة الأعناب وصناعة الخمور وكان يعتبر أول من شرب الخمر في التاريخ, وبالتالي كان هذا هو أنسب مكان لدفن إله الخمر وهو الاسم الذي كان يطلقه مارك أنطونيو علي نفسه.
استطاعت كليوباترا حتي بعد هزيمتها أن تبني واحدا من أروع المعابد في تاريخ مصر القديم لدفن جثمان مارك أنطونيو وهنا في هذه المنطقة, ثم انتحرت حتي تضيع علي أعدائها فرصة التحكم في حياتها في أيامها الأخيرة. وليس معروفا علي وجه التحديد تاريخ إقامة هذا المعبد ولكن جدرانه الخارجية أقيمت من كتل حجرية مستطيلة غير متساوية الحجم مرصوصة في صفوف أفقية فوق بعضها, وكانت هذه الطريقة في البناء سائدة في العمارة اليونانية. وكانت أساليب العمارة في عصر البطالمة ــ خاصة فيما يتعلق بفنون بناء المقابر ــ تشتهر بكثرة المعاني المعقدة والرموز.
لماذا هنا؟
* سألت د. حواس عن تفاصيل البحث ولماذا هنا بالذات؟
اجاب لقد بدأنا الحفائر بفريق مصري من شباب الاثريين والمرممين ذوي الخبرة العالمية منذ عامين داخل معبد تابوزيريس وقد دلت البشائر علي أن هناك احتمالا كبيرا جدا أن كليوباترا ومارك أنطونيو قد تم دفنهما داخل هذا المعبد وذلك لأننا لم نسمع إطلاقا عن أن معلومات تؤكد دفن كليوباترا في الاسكندرية.. بل كان هناك اعتقاد انها كانت قد أقامت مقبرة لها في قصرها الغارق الآن تحت مياه الميناء الشرقي بالاسكندرية.
ولكننا نعتقد أنهما دفنا داخل هذا المعبد وذلك لأن المعبد قد تم بناؤه لأيزيس وأوزيريس وأن مارك أنطونيو يمكن أن يكون أوزيريس.. وأن كليوباترا يمكن أن تكون إيزيس!
كليوباترا جميلة
وقد بدأنا الحفائر وتم العثور علي معبد خاص بالالهه إيزيس وعثر بداخله علي تمثال رأس خاص للملكة كليوباترا.. وعثر علي عملة خاصة بالقائد الاسكندر الاكبر.
كما عثر أيضا ــ كما يضيف د.زاهي حواس ــ علي منطقة مغطاة بالرخام أمامها بئر عميقة تصل إلي35 مترا.. وبعد ذلك عثر علي ثلاث حجرات وبجوارها عثرنا علي تمثال ملكي بدون رأس.. وكذلك علي تمثال لرأس جميل جدا خاص بالملكة كليوباترا, وكذلك علي عدد22 عملة تظهر عليها صورة كليوباترا.. أيضا جميلة جدا.. وذلك كله يؤكد عكس ما صرحت به رئيسة القسم اليوناني الروماني بالمتحف البريطاني من أن كليوباترا كانت قبيحة الشكل ولم يكن لها أي جمال!
فقد جاء هذا الكشف يؤكد أن أنفها كان كبيرا الي حد ما.. ولكن ــ والكلام للدكتور حواس ــ فإن كبر أنف المرأة لا يدل علي قبح شكلها.
وقد تم العثور أيضا علي الأثاث الخاص بالمعبد.. وقد عثر علي العديد من السراديب والانفاق داخل المعبد.
بوابة المقبرة
وأهم ما يلفت النظر داخل هذا المعبد هو الجزء الداخلي من القطاع الجنوبي الشرقي حيث يوجد ممر تحت الأرض يؤدي إلي قبو.. ومازالت اعمال الحفر دائرة.. ومازالت التساؤلات هل من الممكن ان يكون هذا الممر بوابة مقبرة كليوباترا.. والجميع في الموقع المشتعل حماسا وأملا ينتظرون بين كل لحظة وأخري ما يحقق احلامهم.. ولو تم العثور علي هذه المقبرة فسيكون هذا هو اكتشاف القرن بكل المقاييس.