--------------------------------------------------------------------------------
هل فعلاً صنعت الكاريزما التاريخ ؟!!
دائماً و دوماً و ابداً ما ننجذب للشخصيات التاريخية و السياسية الفذة.. فكم من مرة نكون جالسين أمام التلفاز، نتنقل بين القنوات بلا اهتمام ثم نتوقف لو رأينا عبد الناصر أو هتلر أو غاندي.. ربما لم يكن سبب التفات انتباهنا لهم في بداية الأمر أو لأول وهلة هو عظمتهم و انجازاتهم التي غيرت مسار السياسة في بلدانهم أو حتى في العالم أجمع.. ربما سبب التفات انتباهنا لهم هو شخصهم نفسه.. ذلك الإحساس الغريب الذي ينتابنا عندما نسمعهم..فمراراً و تكراراً ما نسمع خطبة عبد الناصر التي ألقاها في الأزهر.. و في كل مرة ننفعل معه، و في كل مرة نحس أنه استحوذ علينا.. على عقلنا و مشاعرنا.. و نحس أن عبد الناصر أمامنا في تلك اللحظة و أننا رجعنا إلى الوراء في التاريخ و جالسين أمامه في المسجد.
[img][/img]
أو هتلر مثلاً، هتلر من أعظم القادة في العالم.. لولا التطرف في أفكاره (و يقولون أن بين العبقرية و الجنون شعرة!) .. هتلر استطاع أن يجمع الشعب الألماني بأكمله و يوحده ليخطو نحو هدف واحد.. كان خرافي في في ابداعه في الحديث بكل معنى الكلمة.. يتحدث بيده، بعينه، بقسمات وجهه، بنبرات صوته.. إن قدرة هتلر الرائعة في الخطابة كانت أحد العوامل الهامة جداً التي وصلت به إلى المكانة التي وصل إليها في التاريخ.. أذكر مرة أني قرأت في كتابي المدرسي للتاريخ كلام لأحد الذين كانوا يحضرون خطب هتلر و قال "كنت انساناً قبل أن استمع للفوهرر و إنسان آخر تماماً بعدما انتهى من خطبته" ..
[img][/img]
و بذكائه القيادي و روعته في الخطابة كان بارنل بمثابة المنقذ و الحامي للايرلنديين وقتها.. من كلماته المشهورة "لا تسمحوا لأنفسكم أن تُجردوا كما جُردتم عام 1847" هنا رمى بارنل إلى ذكرى المجاعة التي مات فيها أكثر من مليون ايرلندي و بذلك استأثر أحاسيس كل الايرلنديين و ضغط على وتر حساس لدى الكثيرين.. و بذلك رفع حماسهم ضد الإنجليز و كأنهم سيفعلوا بهم ما عانوه سابقاً في العقد الرابع من القرن التاسع عشر.. و حاز بارنل على تأييد الملايين في حياته.. حاز على تأييد الفلاحين الذين مثلوا 80% من الشعب الايرلندي حينها و على تأييد الكنيسة الكاثوليكية التي كان لها دور فعال و كبير في شئون الدولة و كان تأييدها لأي سياسي يعني تأييد الدولة له.. و انتعشت السياسة الخارجية الايرلندية في عهد بارنل و كان حزبه له وزنه و استقلاليته التي اثارت الكثير من السياسيين في البرلمان البريطاني و جعلتهم ينظروا لإيرلندا بشكل مختلف و يغيروا من سياستهم تجاهها..
[img][/img]
و تشارلز ستوارت بارنل Charles Stewart Parnell
ذلك القائد الايرلندي الذي أسر عقول و قلوب الايرلنديين.. و بدأ أول خطوة ناجحة في استقلال ايرلندا عن بريطانيا.. و بالرغم من أن ايرلندا لم تنل استقلالها في حياة بارنل إلا أنه كان في عيون الكثيرين "الملك الغير متوج لإيرلندا" The Uncrowned King of Ireland
و غاندي.. الذي استطاع أن يحرر بلاده من الإحتلال البريطاني دون أن يستخدم العنف أبداً .. كان من رواد من ناشد بالمحاربة بالسلم.. بغض النظر عن السبل التي اتبعها غاندي.. كيف استطاع أن يُقنع الشعب الهندي حينها بنظريته تلك؟! شعب نامي فقير و عامته قليلو التعليم، و غالباً ما سيميلون للعنف في الدفاع عن أنفسهم؟ لقد اجتمع الشعب الهندي وراء غاندي بسبب كلامه و قدرته الرهيبة على التعبير و الإقناع.. و تلك الكاريزما التي جذبت إليه الملايين و جعلتهم ينصتوا له و يتبعوه مؤيدين لكل ما يؤمن به..
و كذلك بارنل و هتلر و عبد الناصر.. و كذلك مارتن لوثر كينج Martin Luther King
و انتقيه دوناً عن الباقين لأنه ربما لم يأخذ نصيبه من المعرفة في مجتمعنا العربي و مع ذلك فإنه من أعظم القادة الذين عرفهم التاريخ الحديث.. و أنا شخصياً مبهورة بقدرته العجيبة في الخطابة و السيطرة على ملايين الناس بكلامه و حماسته في التعبير.. مارتن لوثر كينج قاد حركة الحقوق المدنية في الولايات المتحدة التي بدأت عام 1955 بقضية السيدة روزا باركس Rosa Parks في مونتجومريMontgomery
في هذا الوقت كان التمييز العنصري بسبب اللون منتشر جداً في أمريكا و خصوصاً في الولايات الجنوبية (التي حاربت من أجل عدم تحرير العبيد السود في الحرب الأهلية- القرن الثامن عشر). طبقاً لنظام الحكم الفدرالي في أمريكا فكل ولاية لها قوانينها التي تدير كل الأمور الداخلية أما المجالات الاكبر كالعلاقات الدولية و الدفاع و غيرها فتتولاها الحكومة العليا في واشنطن.. لذلك فكانت تنص قوانين ولاية ألاباما على الأخص على فصل الأمريكان السود عن البيض في مختاف أوجه الحياة: المدارس، الحدائق العامة، نافورات الشرب و بصفة أكبر : الباصات.. و هذه كانت قضية السيدة روزا باركس، كانت تجلس في المكان المخصص لها كسيدة سوداء و عندما استقل رجل أبيض الباص و كان الجزء المخصص للبيض ممتلئ طلب سائق الباص من باركس و من جلسوا معها في نفس الصف أن يقوموا ليجلس هذا الشخص "الأبيض". قام الثلاث ركاب السود الآخرون و لكن رفضت باركس القيام من على مقعدها الشرعي كما يقال و اتهمت بكسر القوانين و كانت هذه الحادثة هي التي اشعلت حركة الحقوق المدنية في أمريكا و كانت الخطوة التي استخدمها الكثيرون للمطالبة بالمساواة في الحقوق بين السود و البيض و من ضمن هؤلاء رجل اكليركي اسمه مارتن لوثر كينج. كان رئيس حملة مقاطعة الباصات في مونتجومري بألاباما بعد حادثة السيدة باركس. استخدم كينج قدرته العالية في فن الخطابة بطريقة جيدة جداً و مميزة و لينشر الوعي بالقضايا الخاصة بإضطهاد السود في الولايات المتحدة و كسب بذلك اهتمام الناس في اوروبا و بقية أنحاء العالم خاصة مع بداية الإذاعة التلفزيونية التي استخدمها كينج بذكاء بالغ لصالح قضيته و قضية مؤيديه. هذا غير تأثره الكبير بغاندي و إيمانه بنظريته السلمية في محاربة العدو.
و نجحت حملة مقاطعة الباصات في مونتجومري حينما اصدرت الحكومة العليا في واشنطن قانوناً يمنع التمييز العنصري في الباصات العامة و طبق هذا القانون في جميع الولايات الأمريكية و أصبح من حق أي مواطن أمريكي أسود الجلوس اينما أحب في الباص و ألا يقوم ليفسح المكان لمواطن أبيض و أصبح له الحق ايضاً أن يكون سائقاً للباص. في حياة كينج تم إضافة قانون الحقوق المدنية للدستور 1964 الذي منع التمييز العنصري في الأماكن العامة كالمطاعم و المسارح و السينمات. بعد ذلك قاد كينج المسيرة من سلما Selmaإلى مونتجومري (تقع المدينتان في ولاية ألاباما) و ذلك للمطالبة بتطبيق قانون حقوق الإقتراع (إذ أن نسبة قليلة جداً من السود كان لهم حق الإقتراع حينها) و عندما تم مهاجمة المتظاهرين من قبل الشرطة الأمريكية بعث الرئيس جونسون بحرس إلى سلما لحماية المتظاهرين و بالفعل بدأ كينج المسيرة و كان معه 3000 أسود و عندما وصل إلى مونتجومري كانوا 25000 و أدى هذا إلى تطبيق القانون عام 1965.
إنه لعدد ضخم، أليس كذلك ؟! كلهم اتبعوا كينج و كلهم كانوا مؤمنون به...
و أشهر خطبة لكينج هي خطبة "لدي حلم" و سأرفقها في مشاركة تالية (هما مشاركتين بس، مش عايزة أدوشكم)
الخطبة استمرت على مدى حوالي عشرين دقيقة استطاع كينج فيهم أن يسيطر على آلاف المستمعين و يعطيهم الإحساس أنه يكلم كل واحد فيهم منفرداً و أن يعلو و يهبط بمشاعرهم و أفكارهم.. و عندما استمعت له في الحصة أحسست أني وحدي، أني أمام مارتن لوثر كينج في واشنطن و لست في مدرستي الثانوية في ليمرك.. أعني أنه عندما تسمع شخص يقول و بكل روحه و عقله
"من كلّ جهة، دع الحرّيّة تصدح..
ولتكن أمريكا أمة حقيقية.. ولتكون كذلك لندع الحرية تصدح من قمم التلال المدهشة في نيوهامبشاير، دع الحرّيّة تصدح من على الجبال العظيمة في نيويورك.. دع الحرّيّة تصدح من مرتفعات اليجينس ببنسلفانيا.. دع الحرّيّة تصدح من جبال روكي المغطّاة بالثّلج في كولورادو.. دع الحرّيّة تصدح من القمم الجذّابة في كاليفورنيا.. دع الحرّيّة تصدح من جبال جورجيا.. دع الحرّيّة تصدح من جبال تينسي .. دع الحرّيّة تصدح من كلّ تلال ميسيسبي.. من كلّ جبل.. دع الحرّيّة تصدح. " لقد أحسست أن قلبي يدق معه..
و إن كان كينج أو غاندي أو بارنل أو هتلر أو عبد الناصر تركوا بصمات خالدة على أوراق التاريخ في مختلف أوجه الحياة و مختلف بلاد العالم فالشيء القوي المشترك بينهم و الذي أدى لنجاحهم كل هذا النجاح و الذي أدى إلى شعبيتهم المهولة بين الناس سواء في بلادهم أو في العالم بأكمله، هو القدرة الخارقة على الإبداع في الحديث و الإقناع و تلك الكاريزما التي تحاوطهم أينما كانوا فتأسر الناس أينما حلوا و تترك فراغاً متى ما ذهبوا..
و المفارقة هنا هي أن نهاية معظم هؤلاء القادة كانت مأساوية.. فبالرغم من أن كينج حاز على نوبل في السلام فقط أغتيل رمياً بالرصاص.. مثل غاندي.. و هتلر انتحر عندما دخلت قوات التحالف برلين في الحرب العالمية الثانية.. و بارنل مات بعد تدهور حالته الصحية و النفسية بعد الكشف عن ملف علاقته السرية الغير شرعية مع زوجه أحد أعضاء الحزب الذي كان يرئسه.. و جمال عبد الناصر توفي ليس كثيراً بعد هزيمة 1967..
و لا تعرف أبداً ما الذي قد تفعله الكاريزما بالتاريخ.. !
هل فعلاً صنعت الكاريزما التاريخ ؟!!
دائماً و دوماً و ابداً ما ننجذب للشخصيات التاريخية و السياسية الفذة.. فكم من مرة نكون جالسين أمام التلفاز، نتنقل بين القنوات بلا اهتمام ثم نتوقف لو رأينا عبد الناصر أو هتلر أو غاندي.. ربما لم يكن سبب التفات انتباهنا لهم في بداية الأمر أو لأول وهلة هو عظمتهم و انجازاتهم التي غيرت مسار السياسة في بلدانهم أو حتى في العالم أجمع.. ربما سبب التفات انتباهنا لهم هو شخصهم نفسه.. ذلك الإحساس الغريب الذي ينتابنا عندما نسمعهم..فمراراً و تكراراً ما نسمع خطبة عبد الناصر التي ألقاها في الأزهر.. و في كل مرة ننفعل معه، و في كل مرة نحس أنه استحوذ علينا.. على عقلنا و مشاعرنا.. و نحس أن عبد الناصر أمامنا في تلك اللحظة و أننا رجعنا إلى الوراء في التاريخ و جالسين أمامه في المسجد.
[img][/img]
أو هتلر مثلاً، هتلر من أعظم القادة في العالم.. لولا التطرف في أفكاره (و يقولون أن بين العبقرية و الجنون شعرة!) .. هتلر استطاع أن يجمع الشعب الألماني بأكمله و يوحده ليخطو نحو هدف واحد.. كان خرافي في في ابداعه في الحديث بكل معنى الكلمة.. يتحدث بيده، بعينه، بقسمات وجهه، بنبرات صوته.. إن قدرة هتلر الرائعة في الخطابة كانت أحد العوامل الهامة جداً التي وصلت به إلى المكانة التي وصل إليها في التاريخ.. أذكر مرة أني قرأت في كتابي المدرسي للتاريخ كلام لأحد الذين كانوا يحضرون خطب هتلر و قال "كنت انساناً قبل أن استمع للفوهرر و إنسان آخر تماماً بعدما انتهى من خطبته" ..
[img][/img]
و بذكائه القيادي و روعته في الخطابة كان بارنل بمثابة المنقذ و الحامي للايرلنديين وقتها.. من كلماته المشهورة "لا تسمحوا لأنفسكم أن تُجردوا كما جُردتم عام 1847" هنا رمى بارنل إلى ذكرى المجاعة التي مات فيها أكثر من مليون ايرلندي و بذلك استأثر أحاسيس كل الايرلنديين و ضغط على وتر حساس لدى الكثيرين.. و بذلك رفع حماسهم ضد الإنجليز و كأنهم سيفعلوا بهم ما عانوه سابقاً في العقد الرابع من القرن التاسع عشر.. و حاز بارنل على تأييد الملايين في حياته.. حاز على تأييد الفلاحين الذين مثلوا 80% من الشعب الايرلندي حينها و على تأييد الكنيسة الكاثوليكية التي كان لها دور فعال و كبير في شئون الدولة و كان تأييدها لأي سياسي يعني تأييد الدولة له.. و انتعشت السياسة الخارجية الايرلندية في عهد بارنل و كان حزبه له وزنه و استقلاليته التي اثارت الكثير من السياسيين في البرلمان البريطاني و جعلتهم ينظروا لإيرلندا بشكل مختلف و يغيروا من سياستهم تجاهها..
[img][/img]
و تشارلز ستوارت بارنل Charles Stewart Parnell
ذلك القائد الايرلندي الذي أسر عقول و قلوب الايرلنديين.. و بدأ أول خطوة ناجحة في استقلال ايرلندا عن بريطانيا.. و بالرغم من أن ايرلندا لم تنل استقلالها في حياة بارنل إلا أنه كان في عيون الكثيرين "الملك الغير متوج لإيرلندا" The Uncrowned King of Ireland
و غاندي.. الذي استطاع أن يحرر بلاده من الإحتلال البريطاني دون أن يستخدم العنف أبداً .. كان من رواد من ناشد بالمحاربة بالسلم.. بغض النظر عن السبل التي اتبعها غاندي.. كيف استطاع أن يُقنع الشعب الهندي حينها بنظريته تلك؟! شعب نامي فقير و عامته قليلو التعليم، و غالباً ما سيميلون للعنف في الدفاع عن أنفسهم؟ لقد اجتمع الشعب الهندي وراء غاندي بسبب كلامه و قدرته الرهيبة على التعبير و الإقناع.. و تلك الكاريزما التي جذبت إليه الملايين و جعلتهم ينصتوا له و يتبعوه مؤيدين لكل ما يؤمن به..
و كذلك بارنل و هتلر و عبد الناصر.. و كذلك مارتن لوثر كينج Martin Luther King
و انتقيه دوناً عن الباقين لأنه ربما لم يأخذ نصيبه من المعرفة في مجتمعنا العربي و مع ذلك فإنه من أعظم القادة الذين عرفهم التاريخ الحديث.. و أنا شخصياً مبهورة بقدرته العجيبة في الخطابة و السيطرة على ملايين الناس بكلامه و حماسته في التعبير.. مارتن لوثر كينج قاد حركة الحقوق المدنية في الولايات المتحدة التي بدأت عام 1955 بقضية السيدة روزا باركس Rosa Parks في مونتجومريMontgomery
في هذا الوقت كان التمييز العنصري بسبب اللون منتشر جداً في أمريكا و خصوصاً في الولايات الجنوبية (التي حاربت من أجل عدم تحرير العبيد السود في الحرب الأهلية- القرن الثامن عشر). طبقاً لنظام الحكم الفدرالي في أمريكا فكل ولاية لها قوانينها التي تدير كل الأمور الداخلية أما المجالات الاكبر كالعلاقات الدولية و الدفاع و غيرها فتتولاها الحكومة العليا في واشنطن.. لذلك فكانت تنص قوانين ولاية ألاباما على الأخص على فصل الأمريكان السود عن البيض في مختاف أوجه الحياة: المدارس، الحدائق العامة، نافورات الشرب و بصفة أكبر : الباصات.. و هذه كانت قضية السيدة روزا باركس، كانت تجلس في المكان المخصص لها كسيدة سوداء و عندما استقل رجل أبيض الباص و كان الجزء المخصص للبيض ممتلئ طلب سائق الباص من باركس و من جلسوا معها في نفس الصف أن يقوموا ليجلس هذا الشخص "الأبيض". قام الثلاث ركاب السود الآخرون و لكن رفضت باركس القيام من على مقعدها الشرعي كما يقال و اتهمت بكسر القوانين و كانت هذه الحادثة هي التي اشعلت حركة الحقوق المدنية في أمريكا و كانت الخطوة التي استخدمها الكثيرون للمطالبة بالمساواة في الحقوق بين السود و البيض و من ضمن هؤلاء رجل اكليركي اسمه مارتن لوثر كينج. كان رئيس حملة مقاطعة الباصات في مونتجومري بألاباما بعد حادثة السيدة باركس. استخدم كينج قدرته العالية في فن الخطابة بطريقة جيدة جداً و مميزة و لينشر الوعي بالقضايا الخاصة بإضطهاد السود في الولايات المتحدة و كسب بذلك اهتمام الناس في اوروبا و بقية أنحاء العالم خاصة مع بداية الإذاعة التلفزيونية التي استخدمها كينج بذكاء بالغ لصالح قضيته و قضية مؤيديه. هذا غير تأثره الكبير بغاندي و إيمانه بنظريته السلمية في محاربة العدو.
و نجحت حملة مقاطعة الباصات في مونتجومري حينما اصدرت الحكومة العليا في واشنطن قانوناً يمنع التمييز العنصري في الباصات العامة و طبق هذا القانون في جميع الولايات الأمريكية و أصبح من حق أي مواطن أمريكي أسود الجلوس اينما أحب في الباص و ألا يقوم ليفسح المكان لمواطن أبيض و أصبح له الحق ايضاً أن يكون سائقاً للباص. في حياة كينج تم إضافة قانون الحقوق المدنية للدستور 1964 الذي منع التمييز العنصري في الأماكن العامة كالمطاعم و المسارح و السينمات. بعد ذلك قاد كينج المسيرة من سلما Selmaإلى مونتجومري (تقع المدينتان في ولاية ألاباما) و ذلك للمطالبة بتطبيق قانون حقوق الإقتراع (إذ أن نسبة قليلة جداً من السود كان لهم حق الإقتراع حينها) و عندما تم مهاجمة المتظاهرين من قبل الشرطة الأمريكية بعث الرئيس جونسون بحرس إلى سلما لحماية المتظاهرين و بالفعل بدأ كينج المسيرة و كان معه 3000 أسود و عندما وصل إلى مونتجومري كانوا 25000 و أدى هذا إلى تطبيق القانون عام 1965.
إنه لعدد ضخم، أليس كذلك ؟! كلهم اتبعوا كينج و كلهم كانوا مؤمنون به...
و أشهر خطبة لكينج هي خطبة "لدي حلم" و سأرفقها في مشاركة تالية (هما مشاركتين بس، مش عايزة أدوشكم)
الخطبة استمرت على مدى حوالي عشرين دقيقة استطاع كينج فيهم أن يسيطر على آلاف المستمعين و يعطيهم الإحساس أنه يكلم كل واحد فيهم منفرداً و أن يعلو و يهبط بمشاعرهم و أفكارهم.. و عندما استمعت له في الحصة أحسست أني وحدي، أني أمام مارتن لوثر كينج في واشنطن و لست في مدرستي الثانوية في ليمرك.. أعني أنه عندما تسمع شخص يقول و بكل روحه و عقله
"من كلّ جهة، دع الحرّيّة تصدح..
ولتكن أمريكا أمة حقيقية.. ولتكون كذلك لندع الحرية تصدح من قمم التلال المدهشة في نيوهامبشاير، دع الحرّيّة تصدح من على الجبال العظيمة في نيويورك.. دع الحرّيّة تصدح من مرتفعات اليجينس ببنسلفانيا.. دع الحرّيّة تصدح من جبال روكي المغطّاة بالثّلج في كولورادو.. دع الحرّيّة تصدح من القمم الجذّابة في كاليفورنيا.. دع الحرّيّة تصدح من جبال جورجيا.. دع الحرّيّة تصدح من جبال تينسي .. دع الحرّيّة تصدح من كلّ تلال ميسيسبي.. من كلّ جبل.. دع الحرّيّة تصدح. " لقد أحسست أن قلبي يدق معه..
و إن كان كينج أو غاندي أو بارنل أو هتلر أو عبد الناصر تركوا بصمات خالدة على أوراق التاريخ في مختلف أوجه الحياة و مختلف بلاد العالم فالشيء القوي المشترك بينهم و الذي أدى لنجاحهم كل هذا النجاح و الذي أدى إلى شعبيتهم المهولة بين الناس سواء في بلادهم أو في العالم بأكمله، هو القدرة الخارقة على الإبداع في الحديث و الإقناع و تلك الكاريزما التي تحاوطهم أينما كانوا فتأسر الناس أينما حلوا و تترك فراغاً متى ما ذهبوا..
و المفارقة هنا هي أن نهاية معظم هؤلاء القادة كانت مأساوية.. فبالرغم من أن كينج حاز على نوبل في السلام فقط أغتيل رمياً بالرصاص.. مثل غاندي.. و هتلر انتحر عندما دخلت قوات التحالف برلين في الحرب العالمية الثانية.. و بارنل مات بعد تدهور حالته الصحية و النفسية بعد الكشف عن ملف علاقته السرية الغير شرعية مع زوجه أحد أعضاء الحزب الذي كان يرئسه.. و جمال عبد الناصر توفي ليس كثيراً بعد هزيمة 1967..
و لا تعرف أبداً ما الذي قد تفعله الكاريزما بالتاريخ.. !